صحوة الشيخ محمد العوضي

من طرف **ام يوسف** السبت أبريل 12, 2008 9:53 pm

صحوة الشيخ محمد العوضي

حسن محمد الانصاري * - « جريدة النهار الكويتية » - 30 / 1 / 2008م - 1:17 ص

في صحوة الزمن، كثيرون استلهموا من واقعة الطف الخالدة دروسا وعبراً حيث الحسين كان حاضرا في معظم الصحف ووسائل الاعلام المحلية والاقليمية.

هو الحسين الذي يحرك آلة الصحوة في الأمة ولكن أي عظة وأي صحوة ترجوها الأمة في زمن يغيب فيه المفهوم الحقيقي للحوار، حيث نجد من يحاول متعمدا قطع خطوط الاتصال بين طوائف الأمة حتى لا تخلق أي فرصة للتقارب الفكري والعاطفي حتى وان بقي الاختلاف في الرأي.

ومن خلال المقالات الصحافية لبعض الكتاب حيث تطرقوا لقضية الحسين معتقدين ان فرصة الصحوة قد سنحت فأسهبوا أفكارا ممزوجة بمصيبة الحسين ولكن في اتجاه محاولة للحد من إحياء الشعائر الحسينية، منهم من حرم زيارة قبور الأولياء والصالحين ولكنه يبقى على الصمت المطبق حول زيارة «مقبرة المعجزات» في قندهار حيث المئات من الناس يزورون مقابر قتلى طالبان بقصد النذر وطلب الشفاء والتوسل والتقرب الى الله..

ومنهم من أراد بيان التقارب والنسب الأسري بين الآل والصحابة وتسمية أبناء الآل تيمنا بالصحابة ولكنه يخجل ان يسمي ابنه «عباس» أو «جعفر» تيمنا بأسماء الآل. الأمثلة كثيرة ولو أردنا التطرق لها بالأسلوب العلمي لأصبحت هذه المقالة مجلداً.

ولكن الشيخ محمد العوضي تميز من خلال برنامجه التلفزيوني «قذائف» مع ضيفه الكريم في سرد وبيان مصائب الامام الحسين ، حيث أشارا بالتهمة ليزيد بن معاوية بتحمله مسؤولية دم الحسين وبذلك أرسل «قذيفة» للأستاذ الدكتور ناصر العقل الذي يذكر في كتابه «إسلامية لا وهابية»: «ان الحسين خرج على ولي الأمر وان ما حصل له زلة رجل صالح ولا يعد من منهج السلف».

كما أطلق قذيفة بعيدة المدى نحو الشام حين ذكر ان العاشر من محرم كان يوم عيد وفرح عند الشاميين.

تلك القذيفتان تكفيان وقد تثقلان ميزان حسنات الشيخ العوضي إلا أنه في حاجة للمزيد من القذائف النشطة لو ان الجرأة تغلبت على صحوته وغيّر إحداثيات الرمي نحو الاتجاه المعاكس. في زمن الصحوة، وحين يحاول المخلصون جاهدين فتح قنوات الاتصال أمام أبناء الأمة للانخراط في حوار وطني يضمن حرية مبدأ الاعتقاد والفكر والثقافة نجد ان البعض مازال يروج للارهاب الفكري والعقائدي حتى بلغ الأمر ان نجد من أعطى لنفسه صلاحية رقابة المنابر الحسينية معتقدا ان الأمة تعيش خارج حدود القانون والعرف والشرع..

بل قد بلغ الحد بالشعور بوجود تنظيم لتسييس السنة في الدولة، فيزداد رفع شعارات «الشيعة أكفر من اليهود والنصارى» وترى ملصقات حديث «من سب صحابتي» تزين السيارات والجمعيات والأماكن العامة وتبدأ حملة التربص وكأننا نعيش أجواء حملة مهرجان التعسف والعنصرية ضد الشيعة ومع الأسف نجد إخواننا من السنة وعلى الرغم من رفضهم لهذا «الكهنوت» إلا أنهم يلزمون الصمت وحتى الذين أعطوا أمانة الديموقراطية لا صوت غضب لهم ولكنهم يتقنون فن الهرولة وراء أصوات الشيعة.

أيعقل يا شيخ ان نسمع لحوارك مع ضيفك وأنت تقف في صف من يتربص بثقافتي ويكفر ديني ويحل دمي؟! أو لسنا أنا وأنت يا شيخ وجهين مختلفين لعملة واحدة بالنسبة للنائب الهولندي اليميني المتطرف «جيرت فايلدرز» الذي يسيء للإسلام والقرآن؟!

أم ان مؤشر الولاء والوطنية مرتفع عند طائفة دون أخرى وأهل الكويت جميعا أثبتوا ولاءهم ووطنيتهم دون أية مساومة منذ زمن قريب وكما كانوا دوما فهم فخر ورمز لمفهوم الولاء والوطنية.

إذاً ما المطلوب؟! تغير جذري في ثقافة ومعتقد الطائفة وهذه استحالة حسب القاعدة القرآنية حيث سبحانه وتعالى خلق البشر مختلفين في الذوق والرأي.

الأفكار المتطرفة مازالت تعشعش في عقول البعض وترى الأمة في معسكرين مختلفين، معسكر الايمان ومعسكر الكفر وذلك لربما أصبحت جهود دعاة حملة «السكينة» غير مؤثرة أم أنهم يستغلون تعقلنا وصبرنا وسلمنا بالتعامل والتعاطي مع الارهاب والتطرف وكما تعلمنا من علمائنا المراجع، لذا فإنه من الواجب يا شيخ محمد ان تبدأ في صناعة «قذائف» حوارية فاعلة وعميقة تحمل رؤوسا للتواصل والتراحم والتسامح الاسلامي بين أبناء الأمة وحسب العلم الشرعي الصحيح.

في صحوة الزمن، وقبل أسابيع عدة كانت صحوة الكاتب الأميركي الشهير «توماس فريدمن» حيث كتب ان آية الله السيستاني جدير بإحراز جائزة النوبل للسلام، فجاءت منذ أيام عدة صحوة الصحافي والمحلل السياسي السعودي جمال الخاشقجي حين كتب وأضاف: «بل سأرشح السيستاني لإحراز جائزة (الدعوة للتضامن الاسلامي) التي خصصها الملك فيصل لمن يخدم الاسلام».

وفي واقعة الطف يا شيخ محمد أيضا كانت صحوة الحر بن يزيد الرياحي وهي من أروع الدروس والعبر في التاريخ الاسلامي حين سجل اسمه في قائمة الحضور عند الحسين فقال عنه: «ما أخطأت امك إذ سمتك حراً، أنت الحر في الدنيا والحر في الآخرة».

كاتب كويتي